بسم الله الرحمن الرحيم
احبائى فى الله طبتم وطاب ممشاكم وتبوئتم من الجنة منزلا
هذا لقائنا العاشر بفضل الله وعظيم منته فى دراستنا لكتاب
إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان للعلامة بن القيم
الباب الثالث عشر في مكايد الشيطان التي يكيد
بها ابن آدم
وهو الباب الذى وضع من اجله الكتاب كما قال
المؤلف من قبل
نكمل مع
الشيطان وكيف يأتى للانسان من كل الجهات ويتربص به الطرق لا يريد له الفلاح وإنما
يتربص لاغوائه ليقع فى كل شر و يمنعه من كل خير
كثيرا
وخاصة وانت نائم تسمع صوت يهمس لك بداخلك ان تنهض للطاعة او يحثك على الخير
من العلماء من قال إنه القرين فإن بصلاحك ينصلح قرينك ويحثك عل الخير عندما
تغفل فهو يكون كصديق الخير اليقظ
وكذلك
بفسادك تجد قرينك فاسد مثلك كلما هممت على الشر تجده معين لك ويأتى يوم القيامة
يحاول ان ينجوا بنفسه ويتبرأ منك ويقول ما أغويته ولكن كان فى ضلال بعيد
... والقرين الذى اقصده غير الشيطان فالقرين هو قرينك من الجن
وفى الحديث
(("ما من أحد
إلا وُكّل به قرينه من الجن، قالوا وأنت يا رسول الله؟ قال وأنا إلا أن
الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني
إلا بخير" ))
وهنا يقول
بن القيم
قال الله تعالى فى توعد الشيطان لابن دم ((ثم
لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم )) [ الأعراف : 17 ] يتناول الدنيا والآخرة وقوله
: ( وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) [ الأعراف : 17 ]
فإن ملك الحسنات عن اليمين يستحث صاحبه على فعل الخير ( اى هو قرين الخير ) فيأتيه الشيطان من هذه الجهة يثبطه عنه
وإن ملك السيئات عن الشمال ينهاه عنها ( اى السيئات ) فيأتيه الشيطان من تلك الجهة يحرضه عليها وهذا يفصل ما
أجمله في قوله : (( فبعزتك لأغوينهم أجمعين ))[ ص : 82 ]
ومن اغواء الشيطان ما يلقيه فى قلب الانسان
وما يصل إلى قلب الإنسان نحو : سيطول عمرك وتنال من الدنيا لذتك
وستعلو على أقرانك وتظفر بأعدائك والدنيا دول ستكون لك كما كانت لغيرك ويطول أمله
ويعده بالحسنى على شركه ومعاصيه ويمنيه الأماني الكاذبة على اختلاف وجوهها والفرق
بين وعده وتمنيته أنه يعد الباطل ويمنى المحال والنفس المهينة التي لا قدر لها
تغتذي بوعده وتمنيته
فالنفس المبطلة الخسيسة
تلتذ بالأماني الباطلة والوعود الكاذبة وتفرح بها كما يفرح بها النساء والصبيان
ويتحركون لها فالأقوال الباطلة مصدرها وعد الشيطان وتمنيته فإن الشيطان يمنى أصحاب
هذة النفس بالفوز بالدنيا
فكل متبع للباطل فله
نصيب من قوله : يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا #
ومن ذلك قوله تعالى
: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا [ البقره :
268 ]
قيل فى فسير هذة الاية
: يعدكم الفقر يخوفكم به بأن يقول : إن أنفقتم أموالكم افتقرتم .... ويأمركم
بالفحشاء وتفسير ذلك : أن الفحشاء هي كل فاحشة فعل او وصف ومن جملتها البخل
فذكر سبحانه وعد الشيطان وأمره : يأمرهم بالشر ويخوفهم من فعل الخير وهذان الأمران
هما جماع ما يطلبه الشيطان من الإنسان فإنه إذا خوفه من فعل الخير تركه صاحب النفس
الباطله وإذا أمره بالفحشاء وزينها له ارتكبها
ثم ذكر سبحانه وعد الله
لمن يصر على طاعته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه خير الوعد وهى
المغفرة منه والفضل (( فالمغفرة : وقاية الشر والفضل : إعطاء
الخير ))
وفي الحديث المشهور : إن
للملك بقلب ابن آدم لمة وللشيطان لمة ..... فلمة الملك : إيعاد بالخير وتصديق
بالوعد ولمة الشيطان : إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد ....ثم قرأ : الشيطان يعدكم
الفقر ويأمركم بالفحشاء الآية [ البقره : 268 ]
فالملك والشيطان يتعاقبان
على القلب تعاقب الليل والنهار فمن الناس من يكون ليله أطول من نهاره(( كناية عن
ظلمة قلبة )) وآخر بضده (( اى نور قلبة هوالمنتشر )) ومنهم من يكون زمنه نهارا كله
وآخر بضده نستعيذ بالله تعالى من شر الشيطان