[size=24]
بسم الله الرحمن الرحيم
احبائى فى الله طبتم وطاب ممشاكم وتبوئتم من الجنة
منزلا
هذا لقائنا الثالث عشر بفضل الله وعظيم
منته فى دراستنا لكتاب إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان للعلامة
بن القيم
الباب الثالث عشر في مكايد
الشيطان التي يكيد بها ابن آدم
وهو الباب الذى وضع من اجله
الكتاب كما قال المؤلف من قبل
فصل ومن كيده العجيب
: أنه يختبر النفس حتى
يعلم أي القوتين تغلب عليها : قوة الإقدام والشجاعة أم قوة الانكفاف والإحجام
والمهانة
فإن رأى الغالب على النفس المهانة والإحجام أخذ في تثبيطه
وإضعاف همته وإضعاف إرادته عن المأمور به (( اى ما أمر الله به )) وثقله عليه (( اى يجعل العمل الصالح ثقيل على
النفس )) فهون عليه تركه حتى يتركه كله أو يقصر
فيه ويتهاون به (( بعد ان تكون مؤمن بأن هذا العمل صالح يقربك من
الله ويأخذ فى حربه ضدك فيثقل العمل عليك حتى تكسل عنه فتتركه شىء
فشىء حت يلبك الى تركه كله ويكون تركه عليك هين لا يؤثر فى قلبك بالوحشة بأن
تفتقد لذة الطاعة ... الا من رحم ربى ... وان لم ينجح فى الوصول الى القمة وهى
الترك وصل بك الى التهاون به فتظنان هذا العمل ليس ذو قيمة عند الله ( مثل السنه )
وقد قالالسلف من قبلنا لاتحقرن من المعروف شيئا وقال حبيبنا النبى الكريم ما
معناه (انه دخل رجل الجنه فى جذع شوك وجده فى الطريق يأذى الناس فوضعه جانبا
)
وإن رأى الغالب عليه قوة الإقدام وعلو الهمة أخذ يقلل
عنده المأمور به ويوهمه أنه لا يكفيه وأنه يحتاج معه إلى مبالغة وزيادة فيقصر
بالأول ويتجاوز الثاني كما قال بعض السلف : ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان
فيه نزغتان : إما إلى تفريط وتقصير وإما إلى مجاوزة وغلو ولا يبالي بأيهما ظفر
اى ان الشيطان بعد اختبار همتك يتبع معك احد
السبيلين وهما عنده سواء المهم عنده ان يصل بك الى النتيجه النهائية
فالطريقة الاولى هى التى شرحناها بترك
الطاعه وطريقته الثانية ان يجعلك تغلوا اى تفعل فوق المأمور به فى
العبادة حتى تقع فى الخطأ فالصواب الصوب هو اتباع هدى النبى محمد والا نتجاوز
وقد قال حبيبنا الوضوء ثلاثا ثلاث فمن زاد فقد تعدى وظلم
وهذة امثله ضربها بن القيم
فقوم قصر بهم عن الإتيان
بواجبات الطهارة وقوم تجاوز بهم إلى مجاوزة الحد بالوسواس # وقوم قصر بهم عن إخراج
الواجب من المال وقوم تجاوز بهم حتى أخرجوا جميع ما في أيديهم وقعدوا كلا على
الناس مستشرفين إلى ما بأيديهم # وقوم قصر بهم عن تناول ما يحتاجون إليه من الطعام
والشراب واللباس حتى أضروا بأبدانهم وقلوبهم وقوم تجاوز بهم حتى أخذوا فوق الحاجة
فأضروا بقلوبهم وأبدانهم # وكذلك قصر بقوم في حق الأنبياء وورثتهم حتى قتلوهم
وتجاوز بآخرين حتى عبدوهم # وقصر بقوم في خلطة الناس حتى اعتزلوهم في الطاعات
كالجمعة والجماعات والجهاد وتعلم العلم وتجاوز بقوم حتى خالطوهم في الظلم والمعاصي
والآثام # وقصر بقوم حتى امتنعوا من ذبح عصفور او شاة ليأكله وتجاوز بآخرين حتى
جرأهم على الدماء المعصومة # وكذلك قصر بقوم حتى منعهم من الاشتغال بالعلم الذي
ينفعهم وتجاوز بآخرين حتى جعلوا العلم وحده هو غايتهم دون العمل به # وقصر بقوم
حتى أطعمهم من العشب ونبات البرية دون غذاء بني آدم وتجاوز بآخرين حتى أطعمهم
الحرام الخالص # وقصر بقوم حتى زين لهم ترك سنة رسول الله من النكاح فرغبوا عنه
بالكلية وتجاوز بآخرين حتى ارتكبوا ما وصلوا إليه من الحرام# وقصر بقوم حتى جفوا
الشيوخ من أهل الدين والصلاح وأعرضوا عنهم ولم يقوموا بحقهم وتجاوز بأخرين حتى
عبدوهم مع الله تعالى # وكذلك قصر بقوم حتى منعهم قبول أقوال أهل العلم والالتفات
إليها بالكلية وتجاوز بآخرين حتى جعلوا الحلال ما حللوه والحرام ما حرموه وقدموا
أقوالهم على سنة رسول الله الصحيحة الصريحة #
وكذلك اهل البدعه هم من ارادوا ان يزيدوا فى عبادة الله فخالفوا هدى النبى
محمد ولا نجاة الا باتباع النبى وسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ...
ولذلك دائما نقول تعلموا سنة النبى فهى السبيل
اللهم ارزقنا علما نافعا وقلبا خاشعا وعملا متقبلا وارزقنا العمل بما
علمنا ولا تفتنا وتوفنا وانت راض عنا غير مفتونين